Skip to main content

في الميعاد ارجع اليك

مينا ميشيل ل. يوسف

وعود طال انتظارها دون تحقق.. أكثر من خمس مرات في سفر التكوين نجد الرب يعد ابراهيم بأنه سيعطيه ابن من زوجته العاقر سارة.. وفي كل مرة يؤمن ابراهيم ويتمسك بوعد الله له، نجد أن أموره تسوء أكثر.. حتى لم تصبح سارة وحدها عاقراً، بل هو أيضاً "قد صار مماتا إذ كان ابن نحو مئة سنة" (رو19:4).
وظهر الرب لإبراهيم ذات يوم واقترب منه كصديق له يتكئ ويأكل معه، وأثناء حديثهما ذكره الرب بوعده له قائلا له: يكون لسارة امرأتك ابن.. فسمعت سارة وضحكت ضحكات عدم الإيمان.. ولكن الرب أجاب على ضحكات السخرية وعدم إيمان سارة قائلاً هذه الكلمات العظيمة: "هل يستحيل على الرب شيء؟ في الميعاد ارجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة ابن" (تك14:18).
 نعم.. هذه هي اجابة الرب: لكل عدم ايمان في داخلنا؟ لكل كلمات شفقة على النفس واستسلام للأمر الواقع كما قالت سارة نفسها: "ابعد فنائي يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ"؟ هذه هي كلمات الرب لك "هل يستحيل عليّ شيء؟" قل للرب ما قاله أيوب قديما: "قد علمت أنك تستطيع كل شيء ولا يعسر عليك أمر" (أي2:42). الرب قدير.. الغير مستطاع لديّ مستطاع لديه.." (مت26:19).

واستمع معي إلى بقية كلمات الرب لإبراهيم هنا.. "في الميعاد ارجع اليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة ابن". نعم.. لكل شخص يرى نفسه عاقراً.. ميتاً.. بلا أمل.. أموره تسوء أكثر.. الرب يقول لك هذه الكلمات أنت شخصياً..

* "إنني ارجع اليك": الرب آت إليك.. آت سريعاً.. لن يتركك وحيداً تعاني في ضعفك وهزيمتك.. آتي ليرفعك من خزيك ليجلسك على الكراسي مع شرفاء شعبه..
* "نحو زمان الحياة": زمان الحياة مقصود به وقت الربيع.. فبعد زمن الخريف وتساقط الأوراق من الشجر، يعقبه زمن الشتاء الذي تتجمد فيه الحياة.. ثم يأتي الربيع.. زمن الحياة.. يمكنك أن تكتب على الأيام الماضية الصعبة في حياتك هذه العبارة.. "زمن شتاء (موت) أو زمن خريف (تساقط كل شيء)".
ولكن الرب يعدك أن لك عنده زمن جديد.. زمن حياة.. عوض عن كل موت عوض عن كونك عاقر.. لك زمان حياة.. اكتب بالإيمان على الأيام القادمة من حياتك هذه الكلمات بإيمان.. إنه زمن الحياة.. زمن لطرد كل موت من حياتي.. زمن لشفاء كل عقم.. زمن لتغيرات جذرية عميقة.. زمن لثمر حقيقي مئة ضعف لك هذه الأيام من يد الرب.. زمن حياة..
وفي النهاية.. تحققت وعود الرب لسارة وإبراهيم.. رغم العيان الصعب والمستحيل، ورغم أيضاً ضعف حياة سارة الروحية وإيمانها.. "وافتقد الرب سارة كما قال. وفعل الرب لسارة كما تكلم.. في الوقت الذي تكلم الله عنه" (تك1:21).




Comments

Popular posts from this blog

هل يمكن للأرواح الشريرة أن تسكن في المسيحي الحقيقي؟

مينا م. يوسف مقدمة: تمتليء المكتبات المسيحية والمنابر الكنسية بالعديد من التعاليم الغريبة التي ظهرت مؤخراً، والتي تنادي بأن المؤمنين الحقيقيين بالمسيح يمكن أن تسكن أجسادهم أو نفوسهم أرواحاً شريراً؛ ويكونون كغير المؤمنين في إحتياج لطردها من حياتهم عبر مؤمن آخر. -          فهل حقاً يمكن للأرواح الشريرة أن تسكن في المؤمنين؟ -          وهل يوجد أدلة كتابية تؤكد أو تنفي ذلك؟ -          ومدى خطورة رفض أو قبول هذا التعليم؟ وغيرها الكثير من التساؤلات التي يحاول الباحث من خلال هذا البحث الإجابة عليها. أولاً: التيار المؤيد لسكنى الأرواح الشريرة في المؤمن الحقيقي: 1-     بماذا يعتقدون: يؤمن هذا التيار بأن سيطرة الأرواح الشريرة على البشر، لا تتوقف عند سكناها في أجساد الأشرار، بل تمتد لتسيطر وتسكن حتى في المؤمنين الحقيقيين! ويفرقون جسادفففف في تعاليمهم بين أن يلبس (يمتلك) شخص من روح شرير وأن يسكن فيه روح شرير. فيرون أن "الامتلاك من ال...

تعاليم المسيح.. لا تقتل

وصية اليوم.. لا تقتل!! مينا ميشيل ل. يوسف وسط عالم يبيح قتل المعارضين ويقنن سحق المختلفين، وبدمٍ بارد يذبحهم بدعوة إرساء الاستقرار أو حماية المعتقد. آتى المسيح ليقدم أكثر من مجرد وصية بعدم القتل، آتى داعياً تابعيه إلى ضرورة بذل الجهد   ليصنعوا سلاماً حتى مع ألد أعدائهم (مت9:5)! ومرة أخرى يعود المسيح ليؤكد على أن القتل شأنه شأن أي شر آخر، ينبع من الداخل وليس مجرد فعلاً خارجياً. " لأنه من الداخل من قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة: زنى فسق قتل.. " (مر21:7). لذا، فلا عجب أن نجد النبي سليمان في القديم يوصنا قائلاً: " فوق كل تحفظ احفظ قلبك، لان منه مخارج الحياة " (أم23:4). فكم من نفوس تبدو ظاهرياً كأشخاص مسالمة، وداخلهم وح و شٍ كاسرة مليئة بالغضب وشهوة الإنتقام!  لذا فقد أكد المسيح في تعاليمه على أن الإمتناع عن القتل ليس كافياً، إنما الإحتياج الأكبر هو إلى إزالة روح الغضب والإنتقام من الداخل، قائلاً: " قد سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم. وأما أنا فأقول لكم: إن كل من يغضب على أخيه باطلا يكون مستوجب الحكم !" (مت21:5-22...

الخطية الأصلية [2/ 8]: الطبيعة الفاسدة

مينا م. يوسف [إن تأملت بما لي من خير قلت أي شيء لي ولم آخذه منك؟ وإن كنت أخذته فلم اتباهي كأني  ما أخذته؛ أنا ما استطعت من نفسي شيئاً، سوى أن أهلكها. وما عرفت أن أجدك أنت يا صانعي لو لم تطلبني.] (القديس أوغسطينوس) [1] إن مصطلح الخطية الأصلية كغيره من المصطلحات اللاهوتية لم يرد في الأسفار المقدسة مباشرة، لكنّه يلخص حقيقتان هامتان للغاية: الفساد الموروث والذنب الموروث. في هذا المقال سنرّكز على الفساد الموروث، تاركين الحديث عن الذنب الموروث لمقالنا التالي. في كتابه أصول الإيمان المسيحي، عرّف جون كالفن الخطية الأصلية بأنها: الانجذاب والفساد الموروث لطبيعتنا، المنتشر من خلال كل أجزاء النفس، مما يضعنا تحت غضب الله الرهيب، وينتج فينا تلك الأعمال التي يدعوها الكتاب المقدس "أعمال الجسد". (غلاطية 5: 19) [2] لم يخلق الله الإنسان الأول وبداخله ميل أو ضعف نحو العصيان؛ كما أن الخطية ليست جزءاً أصيلاً ينتمي إلى الطبيعة البشرية أو الصورة التي خلقنا الله عليها في البدء، [3] إنما كما يقول الرسول بولس: "بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ". (رو...