مينا ميشيل ل. يوسف
مر وقتاً ولأسباب عديدة حرم داود من أباه وأمه، وكم عانا من آلام الفراق والاشتياق، من آلام الترك والبعاد. واشتاق يوماً أن يراهم ولم يستطع، وحلم يوماً أن يرتمي في احضانهم ولم يجد. فكان حاله كرضيع انتزع من على ثدي أمه، وعجوز نزع عنه عكازه!!
ولكن، وسط آلامه ومعاناته هذه، اختبر داود شيئاً مختلفاً؛ اختبر الرب الذي لم يتركه ولم يهمله وسط آلامه ومعاناته. اختبر الرب الذي كان له سنداً وضماناً وسط كل التغيرات والانقلابات التي تعرض لها. اختبر الرب كأب له. وشهد عن اختباره هذا قائلاً: "إِنَّ أَبِي وَأُمِّي قَدْ تَرَكَانِي وَالرَّبُّ يَضُمُّنِي." (مزمور ٢٧: ١٠) فحتى لو تركه الجميع وافتقد الجميع، له أب عظيم، أب صالح، أب يضمه إلى حضنه الدافئ ويمتعه بأبوة أعمق وأروع، يعوضه بها عن كل حرمان تعرض له.
عزيزي، قد تكون مثل داود، تعاني من آلام الفراق لشخص له مكانة خاصة في قلبك، والخوف لأن مستقبلك بلا ضمان الآن، والوحدة لأنك لا تجد جليس أو أب يفهمك. ولكن في وسط معاناتك هذه، يمكنك أن تختبر الرب كأب لك. إذ أن "بُو الْيَتَامَى وَقَاضِي الأَرَامِلِ، [هو] اَللهُ فِي مَسْكِنِ قُدْسِهِ." (مزمور ٦٨: ٥)
ما أروعه أب، يحبك جداً. ما أعظمه أب، فهو ليس أب ضعيفاً فهو الله القدير الجالس في مسكن قدسه! هو أب حنان ورحيم. وهو يدعوك أن تكون أبناً له. فليس كل من دعي مسيحي هو ابن له. بل فقط أولئك الذين قبلوا أن يرحبوا به في حياتهم، يصيرون له أولاداً! فالإنجيل يقول: "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ." (يوحنا ١: ١٢) ويقول أيضاً: "لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ." (غلاطية ٣: ٢٦).
فالله اليوم يمد لك يده قائلاً لك:
هلم تصالح معي، لا تبقى وحدك بعيدا ًتعاني بدوني. تعال أريد أن آخذك في حضني. أريد أن أضمك لصدري. أريد أن أكون لك أباً وتكون لي ابناً. أريد ان امتعك بحبي. قد تكون عانيت من غياب أباك، أو قد تكون قد قاسيت من قساوة أمك. ولكني أدعوك اليوم أن تقبل دعوتي: أن أكون لك أباً، أمتعك بحبي وأبوتي ورعايتي.
فهل تضع ثقتك في الآن؟ هل تؤمن وتثق في أبوتي وحبي لك. إن وثقت وقبلت دعوتي أعدك أني سأغير حياتك. لن أعدك أن كل مشاكلك ستحل، ولن أعدك أن كل ظروفك ستتغير؛ لكني أعدك أني سأغيرك أنت لتقدر على مواجهة ظروفك ومشاكلك، وأنا معك أرعاك وأحامي عنك!
فهل تقبل دعوتي بأن أكون لك أباً حقيقياً بيننا علاقة حقيقية وليست شكلية؟ هل تقبل دعوتي وتعلن رفضك بأن تظل متمسكاً بخطاياك وتأتي إليّ لآخذك في حضني وأغيرك، وأجعلك تختبر يوماً بعد يوم أبعاداً جديدة أعمق في أبوتي لك.
Comments
Post a Comment