مينا م. يوسف
من فوق جبل الكرمل، أعلن الرب عن نفسه إنه الإله الحي، الذي يسمع ويستجيب. فنراه يستجيب بنار، لصلاة بسيطة رفعها إيليا من قلب واثق فيه. بينما نجد أنبياء البعل [إله وثني] على نفس الجبل يصلون من الصباح إلى الظهر قائلين "يَا بَعْلُ أَجِبْنَا" (1 الملوك 18: 26)، ويرقصون حول المذبح ويصرخون بصوتٍ عالٍ، بل ويقطعون اجسادهم بالسيوف والرماح حتى سال منهم الدم! (1 الملوك 18: 28). ولكن للأسف "لَمْ يَكُنْ صَوْتٌ وَلاَ مُجِيبٌ وَلاَ مُصْغٍ" (1مل29:18)، لأن إلههم ليس هو الإله الحي.
كيف ترى إلهك؟ هل تراه مثل البعل؛ الذي مهما صليت وصرخت له، لا يسمعك ولا يبالي بحالك لأنه بغير موجود، أو لأنه ربما مشغول عنك بأمور أهم؟! أم تراه الإله الحي الحقيقي الذي يستجيب صلواتك النابعة من قلبك بإيمان حقيقي؟
للأسف بسبب ما ينقله لنا بعض المخلصين، مثل أنبياء البعل، من خبراتهم الشخصية مع إلههم الذي يستجيب لهم بصعوبة ولا يبالي بهم؛ نعتقد أن إلهنا يتعامل معنا بنفس الطريقة. ولكن الحقيقة هي أن "الرَّبُّ قَرِيبٌ لِكُلِّ الَّذِينَ يَدْعُونَهُ، الَّذِينَ يَدْعُونَهُ بِالْحَقِّ." (مزمور 145: 18)، ويشعر بهم، فهو "فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ." (أشعياء 63: 9)
أتذكر ما قاله الرب لموسى عن معاناة شعبه القديم من مرارة العبودية في أرض مصر؟ قال له: "إنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ... إِنِّي عَلِمْتُ أَوْجَاعَهُمْ، فَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ... وَأُصْعِدَهُمْ مِنْ تِلْكَ الأَرْضِ إِلَى أَرْضٍ جَيِّدَةٍ وَوَاسِعَةٍ..." (خروج 3: 7-8)
ما أعظم الرب، إله حي. فهو يرى مذلتك، يسمع صراخك وأنينك، حتى وإن لم تفصح عنه لأحد، يعلم أوجاعك، يتفهمهما، يشعر بك. ولا يكتفي بذلك، لكنه يأتي لينقذك ويخرجك من تحت ثقل العبودية. فهو يرى ويسمع ويتدخل. فما أعظمه إله، إله حي.
Comments
Post a Comment