مينا م. يوسف حين خلق الله أبوينا الأوليّن، آدم وحواء، على صورته باركهما وأوصاهما قائلًا: "أثمِروا واكثُروا واملأوا الأرضَ، وأخضِعوها، وتَسَلَّطوا علَى سمَكِ البحرِ وعلَى طَيرِ السماءِ وعلَى كُلِّ حَيَوانٍ يَدِبُّ علَى الأرضِ." (تكوين 1: 28) هذا ما يطلق عليه علماء اللاهوت "التكليف الحضاري". ولا يزال تكليف الله للإنسان ساريًا بالاعتناء وإعمار الأرض والإثمار إلى هذا اليوم. فلم يكن هذا تكليفًا أعطي للإنسان في بداية الخليقة وتلاشى مع السقوط. فحتى بعد حادثة السقوط، نرى الله يؤكد للإنسان أن التكليف الحضاري لا يزال ساريًا ولكنه أصبح ممتزجًا بالألم والعمل الشاق، نتيجة لدخول الخطية إلى العالم. فيقول الكتاب: وقالَ للمَرأةِ: تكثيرًا أُكَثِّرُ أتعابَ حَبَلِكِ، بالوَجَعِ تلِدينَ أولادًا .... وقالَ لآدَمَ... مَلعونَةٌ الأرضُ بسَبَبِكَ. بالتَّعَبِ تأكُلُ مِنها كُلَّ أيّامِ حَياتِكَ. وشَوْكًا وحَسَكًا تُنبِتُ لكَ، وتأكُلُ عُشبَ الحَقلِ. بعَرَقِ وجهِكَ تأكُلُ خُبزًا.... (تكوين 3: 16-19) وحتى بعد طرد الإنسان من جنة عدن، يؤكد الوحي في تكوين 3: 23 على أن التكليف الحضار
بقلم: مينا ميشيل يوسف إن الخلاف الكبير بين اللاهوت العهدي والتدبيري هو خلاف تفسيري في الأساس. فالأخير يحاول شرح وتفسير ما قاله العهد الجديد في ضوء ما قيل عن إسرائيل والوعود في العهد القديم. هذا يخالف ما فعله رسل المسيح وتلاميذه، إذ قاموا بشرح ما قاله العهد القديم عن إسرائيل والعهود في ضوء الإعلان الأكمل في شخص وعمل المسيح في العهد الجديد. في هذا المقال سنتفحص كيف ينظر كل من اللاهوت التدبيري والعهدي لأسفار وأحداث الكتاب المقدس ككل. يؤمن الفكر التدبيري بأن الله قسم الزمن إلى سبعة تدابير، ويتميز كل تدبير بأن الله كان يصنع خُطة أو عهدًا ثم يأتي الإنسان ويُفشل هذا العهد. وتختلف معاملات الله مع الإنسان وفقًا للمبادئ التي كانت تحكم هذا العهد. فهناك تدبير للنعمة وآخر للناموس، وهذا مختلف ومنفصل عن ذاك. فإسرائيل كانت تحت تدبير الناموس، أما الكنيسة فهي تحت تدبير النعمة. والنعمة كانت غائبة في زمن الناموس، كما أن الناموس غائب في زمن النعمة. وبحسب الفكر التدبيري، كانت إسرائيل تحت تدبير الناموس تتبرر بأعمال الناموس، أما الكنيسة فهي تتبرر بالإيمان بيسوع المسيح. وبركات إسرائيل كانت